هل يمكن حماية الفكره قانونيا

تعد أهمية الفكرة محورًا بارزًا في أي مشروع، وربما يتساءل البعض عن إمكانية حماية هذه الأفكار قانونيًا. من الشائع أن يخفي الناس أفكارهم الجديدة خوفًا من أن يتم سرقتها وتنفيذها من قبل الآخرين، لكنها قد تكون إحدى الأخطاء التي تؤدي إلى ضياع الأفكار وعدم تنفيذها.

الفكرة بحد ذاتها، عندما تكون ملخصة، تكون عامة وغير متخصصة. فأنت، عندما ترغب في تقديم فكرة تطبيق جديد أو اختراع جديد لشخص ما، في الواقع تقدم له الرؤى الأولية للفكرة وليس التفاصيل. لا يجب أن تعتقد أنك الشخص الوحيد الذي قد يفكر بهذه الأفكار، فكثير من الناس قد يتوصلون لنفس الأفكار حتى لو كانوا متخصصين في مجالات مختلفة عن مجالك.

أنت، عندما تشارك الفكرة مع شخص ما، قد تلهمه ويأخذ فكرتك ويطور عليها ويضيف عليها أفكارًا جديدة. وإذا قام هذا الشخص بتنفيذ الفكرة بعد أن أضاف لها تعديلات، فهو في الواقع لم يسرق شيئًا منك، لأن الأفكار هي ملك للإنسانية جمعاء ولا يمكن أن تمتلكها شخصيًا.

ما يمكنك تسجيله هو التطبيق أو الاختراع بعد تنفيذه. لكن، حتى عندما تكون فكرتك مميزة وتنفذها، هذا لا يعني أنه من الضروري أن يكون الآخرين ممنوعين من تطبيق فكرة مشابهة. الشيء الوحيد الذي يمكنك الاحتفاظ به أو تسجيله باسمك هو العلامة التجارية. مثلاً، إذا أنشأت تطبيقًا معينًا وسميته باسم معين، فهذا الاسم سيكون ملكًا لك، وكذلك الشعار وتصميم التطبيق بشكل عام. الكود نفسه يمكنك الاحتفاظ به ومنع الآخرين من استخدامه. مع أنه يمكن للأشخاص الآخرين كتابة كود مشابه، لكنه إذا تم كتابته من الصفر فإنه سيكون جديدًا بالرغم من التشابه بينهما.

إذا أراد الآخرون أن يطوروا تطبيقًا مشابهًا لتطبيقك، فيمكنهم ذلك بدون مشكلة، ولكن عليهم أن يطوروا كود جديد من الصفر وأن يغيروا في الاسم والشعار وتصميم الواجهات بحيث لا يكونون مجرد نسخة من تطبيقك.على سبيل المثال، يمكنك تطوير تطبيق مشابه لـ “فيسبوك”، ولكن يمكنك تغيير اللون من الأزرق إلى الأحمر، تغيير الشعار، تسميته باسم آخر، كتابة كود من الصفر، وإضافة ميزات جديدة. التفاصيل الصغيرة مثل هذه، عندما تضاف إلى فكرة رئيسية، تؤدي إلى تطبيق جديد يعكس الفكرة الأساسية ولكن بشكل مختلف وفريد. بالإضافة إلى ذلك، فإن تصميم واجهة المستخدم والتجربة العامة للمستخدم تلعب دورًا حاسمًا في تحديد الهوية الفريدة للتطبيق. حتى لو كان التطبيق يقدم وظائف مماثلة لتطبيق آخر، فإن طريقة تقديم هذه الوظائف والتفاعل مع المستخدم يمكن أن يختلف كثيرًا.

كما هو الحال مع جميع الأفكار، فإن التنفيذ هو المفتاح. حتى لو كانت فكرتك ليست جديدة تمامًا، فإن الطريقة التي تنفذ بها فكرتك قد تكون ما يميزها ويجعلها ناجحة. من الضروري أيضًا التذكر أن الأفكار ليست ثابتة، ولكنها تتطور وتتغير مع مرور الوقت والتجارب. لذا، يجب أن تكون مستعدًا للتعديل والتحسين والابتكار بناءً على ردود الفعل والتجارب التي تحصل عليها.

في النهاية، يجب تذكر أن حماية الأفكار تعتبر جزءًا صغيرًا من الصورة الكبيرة. بينما يمكن حماية التطبيقات والابتكارات الملموسة قانونيًا، إلا أن الأفكار الأولية التي تقف وراءها تعتبر ملكًا للإنسانية ولا يمكن حمايتها بشكل كامل. الهدف يجب أن يكون تنفيذ الأفكار بأفضل طريقة ممكنة والاستمرار في الابتكار والتحسين.

لذا، يجب عدم الخوف من مشاركة أفكارك ومفاهيمك الأولية، لأن هذا يمكن أن يفتح الباب أمام التعاون والتحسين المشترك. ولكن في الوقت نفسه، يجب الحفاظ على السرية حول التفاصيل الدقيقة والأصلية لتنفيذ الفكرة التي قد تشكل قيمتك التنافسية.

تذكر دائما، الأفكار بحد ذاتها ليست مملوكة لأحد. القيمة الحقيقية تأتي من القدرة على تحويل هذه الأفكار إلى منتجات وخدمات ملموسة تحقق قيمة للمستخدمين. حتى إذا تم تطبيق فكرة مشابهة من قبل آخرين، طالما قمت بتنفيذها بطريقة متفردة ومبتكرة، فستكون قادرا على التميز.بعبارة أخرى، يمكننا القول أن القيمة الحقيقية لأي فكرة تكمن في العمل الذي يتم بناءً عليها والنتائج التي يمكن أن تحققها، وليس فقط في الفكرة نفسها. إذاً، استمر في التفكير، ولكن أكثر أهمية من ذلك، استمر في التنفيذ والتعلم والتحسين.

وتذكر دائمًا، اليد الواحدة لا تصفق. أنت دائمًا بحاجة إلى شخص يساندك ويدعمك ويساعدك في تحويل الفكرة إلى شيء حقيقي. لذلك، يمكنك بكل ثقة أن تشارك فكرتك مع الآخرين، خاصة الأشخاص الذين تعتقد أنهم الأنسب ليكونوا شركاء لك في تأسيس هذه الفكرة أو هذا الاختراع. وتذكر دائمًا، الشريك الحقيقي أو المؤسس الشريك للفكرة قد يكون أهم من الفكرة نفسها.

لذلك، إذا كنت ترغب في نجاح فكرتك أو الاحتفاظ بحقوقها، قم أولاً بتحويلها إلى مشروع حقيقي، أو قم بتنفيذ الاختراع، ثم قم بتسجيل الحقوق القانونية وحفظ الحقوق الملكية اللازمة لحفظ حقوقك. ولكن إذا كنت تعرف أنه لن تستطيع تنفيذ الفكرة، أو إنه صعب تنفيذها عليك، أو أنها ستستغرق منك وقتًا طويلاً، فمن الأفضل دائمًا مشاركتها. لأنه قد يكون هناك شخص يهتم بهذه الفكرة ويرغب في التعاون معك، أو قد يأخذ شخص آخر الفكرة وينفذ مشروعًا ينجح فيه. وفي المستقبل، قد يستعين بك كونك صاحب الفكرة الأصلية لتحسين الفكرة وتطويرها.

لذا، لا تخف من مشاركة الأفكار، بل تبادل الأفكار هو أمر حيوي وإيجابي في المجتمع ويساعد في تقدم المجتمع. ويحث الأشخاص على التعاون والعمل معاً. إذا كانت فكرتك ستحفز شخصًا لتنفيذها، فإتركها له لينفذها فعلياً إذا أنت لم تكن قادرا او لديك الرغبة في التنفيذ.

ولكن، إذا بدأت بالفعل في تنفيذ الفكرة والعمل عليها، فمن الضروري أن تحتفظ بتفاصيل التنفيذ والمشروع فقط ضمن الفريق المشارك في العمل أو الأشخاص الذين يقدمون التمويل. وذلك للحفاظ على خصوصية العمل، حقوق العمل، وسرية الإنتاج وضمان عدم وجود أي مشاكل أو تدخلات خارجية في المشروع. وكما قال الرسول صلى الله عليه وسلم “استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان” .هذا الكلام ينطبق إذا قمت فعلياً بتنفيذ الفكرة والعمل عليها وليس فقط وضع الأفكار في رأسك ولا ترغب في العمل عليها .

نأمل أن نرى مجتمعًا عربيًا يشارك الأفكار والمشاريع، ويتعاونون مع بعضهم البعض، ويدعمون بعضهم البعض في تنفيذ المشاريع والمنتجات.

د.محمود عوض

مؤسس الأكاديمية العربية للبرمجة